لنفترض أنك تمتلك جميع المقوّمات اللازمة للبحث عن فكرة مشروع ريادي تحقّق لك أرباح إضافيّة إلى جانب عملك الرئيسي، أو كنت أحد الذين ملّوا تسلّط مديرهم فقرّروا أن يشقّوا طريقهم معتمدين على مشروعهم الخاص. في كلا الحالتين أنت بحاجة إلى خريطة لتسير وفق تعليماتها، تبيّن لك المنعطفات القادمة وتحذّرك من الوقوع في أي حفرة، فالحماس وحده لرؤية الإشارة على موقع الكنز لا يكفي للوصول إليه. إذ لابد من دراسة الطريق جيّداً ووضع الاحتمالات والتجريب.
كل ذلك ستجده في هذا المقال فننصحك بقراءته بتمعّن والاحتفاظ به لأنه خريطتك التي ستوصلك إلى كنزك. والآن، جهّز عدّة الكشّافة خاصّتك لنبدأ معاً بأول خطوة في رحلتك للبحث عن فكرة مشروعك. ويمكنك االاطلاع على مقال ما الفرق بين المشروع الريادي والمشروع الصغير؟ 4 فروق أساسية نسبة النجاح والفشل لكلاهما؟
طرق مبتكرة لإيجاد فكرة مشروع ريادي
هناك العديد من الأفكار حولنا لكننا بحاجة إلى تفصيلها وترتيبها للنظر إلى ما يناسبنا منها. لذا رتّبنا لك هذه القائمة لتسهيل إيجاد فكرة مشروع ريادي:
اعثر على مشكلة وقدم لها حلاً
بصفتنا نواجه المشاكل كل يوم في عملنا أو في المنزل أو حتى في وسائل النقل، لمَ لا نفكّر بحلول جدّية يمكن أن تساعدنا وتساعد غيرنا ومن ثم طرحها كخدمة لتقدّم لنا مصدر دخل! وحقيقة الأمر أن العميل لا يشتري الخدمة لأنه يريد شراءها فحسب، بل لأنها تساعده في حل مشكلته لذا سيكون عملاؤك جاهزون للشراء منك عندما تقدّم لهم حل مفيد وتعلم أماكن تواجدهم.
إليك هذا المثال عن شخص اتابعه طلب منذ فترة من أحد المبرمجين إعداد تطبيق يُظهر الفائض من استهلاك باقة الإنترنت، ثم قدّمه بشكل مجاني لمتابعيه. لاحظ أن هذا الشخص كان واعياً بمشكلته ومشكلة الكثيرين الذين يريدون معرفة المتبقّي من باقات الانترنت لكن لا تتوفّر تطبيقات سهلة تتيح لهم هذه الميزة، لذا إن كنت تعاني من مشكلة تمتلك حلّها لكن يصعب عليك تنفيذها يمكنك اللجوء إلى المختصّين لمساعدتك في التنفيذ ومن ثم بيع الحل للمهتمّين، وهذا يعد من المشاريع الرابحة. حيث هناك فرص المشروع الرّيادي والامتيازات التي يوفرها (أبرز 5 فرص).
كن مبدعاً بشيء واحد لخلق فكرة مشروع ريادي
يكفي أن تعمل بجد في شيء تحبّه وتبدع به ليتحوّل فيما بعد وربما من غير أن تشعر إلى مصدر دخل. فأكثر روّاد الأعمال الناجحون بدؤوا مشاريعهم من هواياتهم، ثم أدخلوا عليها بعض التطويرات لتتحوّل فيما بعد إلى شركات كبيرة يقوم عليها مئات العمال، ومنها شركة أولكر التركيّة التي تعرف اليوم بمجموعة يلدز القابضة، أكبر شركات الأغذية في وسط أوروبا وأوروبا الشرقيّة وإفريقيا.
بدأت ببيع الشاب صبري أولكر بعض المعجّنات والبسكويت الذي كانت تخبزه أمه في فرن منزلهم المتواضع، لكن هذا العمل البسيط تطوّر فيما بعد ليصبح شركة ضخمة تصدّر منتجاتها إلى 110 بلد، وتضم العديد من المنتجات مثل العصائر والألبان والمشروبات الغازيّة وأغذية الأطفال. العبرة التي يمكن أن نستلهمها إلى جانب فكرة العمل بشيء تحبّه هي ليس بالضرورة أن تبدأ مشروعك برأس مال كبير فقط فكّر بالموارد المتوفّرة لديك، وأضف لها لمسة إبداع خاصّة. فيمكنك معرفة مصاريف التأسيس والتشغيل للمشروع الريادي وتوقعات المبيعات بنسبة قريبة من 100%.
تابع الأخبار والترند حول العالم
استغل الشاب (Ryan Petersen) حادثة إغلاق سفينة (أم في إيفر غيفن) لقناة السويس بتأليف قصّة للأطفال عنوانها the big ship and the little digger. وبيعها في موقع جومرود للمنتجات الرقميّة ب 25 دولار. هذه فكرة مشروع ريادي يمكن أن تنطلق منها وهي تأليف قصص للأطفال تعليميّة أو ترفيهيّة أو تثقيفيّة مستوحاة من الأحداث العالميّة مثل جائحة كورونا أو حادثة تعويم السفينة وغيرها من الأحداث التي تجري كل يوم. الأنشطة الرئيسية للمشروع الريادي (3 مراحل مع شرح مفصل لكل مرحلة).
وهل تذكر الصورة التي أشعلت مواقع التواصل للسيناتور المحبوب (بيرني ساندرز) وهو جالس على كرسي مرتدياً قفّازي صوف ومعطف زيتي في حفل تنصيب بايدن؟ حيث قامت توبي كينغ المالكة لشركة توبي تايم كروشيه بحياكة دمية لطيفة له من الكروشيه وبيعها بأكثر من 20 ألف دولار بحسب ما أوضحت صحيفة The Guardian، وما زالت الدمية حتى اللحظة تباع على موقع أمازون وتحقّق الأرباح.
استلهم فكرة مشروع ريادي من تخصّصك الدراسي أو عملك
منذ عدّة سنوات افتتحت طالبة دراسات عليا في الجامعة مشروعها الذي كان إقامة دورات تشرح المواد للطلاب بأسلوب ممتع وبسيط بعيداً عن التعقيد المألوف في المناهج، واليوم أصبحت معروفة لدى مئات الطلاب من مختلف السنوات. أجابت مرة عندما سئلت لماذا اخترتِ هذا العمل؟ بأنها تجد سعادتها في العمل بتدريس التخصّص الذي تعلّمته. وكذلك أعرف شاب يهوى العمل عبر الانترنت، استطاع تحويل حبه لعمله إلى مشروع يشكّل له مصدر دخل إضافي إلى جانب عمله الرئيسي، وهو إقامة دورات تغطّي أساسيّات العمل عبر الانترنت حتى الاحتراف، يقول: قبل 12 سنة كنت أنظّم تدريب عن العمل عبر الانترنت وكان يتقدّم له حوالي 45 شخص، اليوم أعلن عن التدريب ذاته فينضم له أكثر من 300 شخص بيومين.
أعد النظر إلى المرات التي قدّمت فيها المساعدة
ضع جدولاً لإحصاء المرّات التي تكرّر فيها تقديمك ذات الخدمة لصديق ما، أو لأحد أفراد أسرتك. سيتّضح لك من خلال الجدول أكثر الخدمات التي تطلب منك بالمجّان، وحينها يمكنك تحويلها إلى مشروع صغير ومصدر دخل. إحدى الفتيات اكتشفت موهبتها بالتصوير عندما كانت تلتقط صور عفوية بكاميرة الهاتف لصديقاتها، حتى قررت ذات يوم فتح حساب انستقرام ونشر صورة من تصويرها، فحصدت هذه الصورة مئات الإعجابات والتعليقات وفتحت لها الباب لمشروعها الأول. ويمكنك تحليل المنافسين لمشروعك الريادي، ودراسة تفوق المشروع على أهم 4 منافسين.
فكّر بالشيء الذي تتمنّى وجوده بالسوق
كم مرّة دخلت متجر التطبيقات للبحث عن تطبيق اعتقدت أنه سيساعدك لكنك تفاجأت بانه غير موجود، أو دخلت جوجل لتبحث عن خدمة معيّنة ولم تجدها. إذاً هذه فرصتك لتحويل ما تبحث عنه إلى فكرة مشروع ريادي. انظر إلى معدّل البحث عن الكلمة التي أدخلتها في جوجل وسترى أن هناك من يبحث عما تبحث عنه أيضاً، ثم باستخدام بعض الأدوات التي تكشف لك الجمهور المهتم بهذه الخدمة وبعض المعلومات المهمة عنه يمكنك البدء بتسويق مشروعك.
كيفية التخطيط لتنفيذ فكرة مشروع ريادي
1- اختر فكرة مشروعك.
2- اعمل عليه لربع ساعة كل يوم.
3- حدّد البرامج التي ستستخدمها في حال كان مشروعك على الانترنت، أو المواد اللازمة لمشروعك الأرضي.
4- أنشئ حساب مصرفي خاص بمشروعك لفصل الميزانيّة المخصصة له عن ميزانيّة مصروفك وعملك الرئيسي.
5- ضع خطة عمل لمشروعك.
فالتخطيط الجيّد يكون بعمل دراسة جدوى للمشروع، وهذه الخطوة تسبق تنفيذ المشروع لانها تبيّن مدى احتماليّة نجاحه أو فشله مع الإحاطة بالموارد التي ستقدّم لأجله، سواءً كان مال أم وقت، وقابليّة تحقيقه للأرباح المرجوّة ثم بناءً على النتائج الإيجابيّة يتم اعتماد المشروع. ويمكن عمل دراسة جدوى لمشروعك من خلال هذه الخطوات التي يمكنك تطبيقها على أي مشروع:
أولاً دراسة بحث السوق: لمعرفة نسبة الطلب على أي فكرة مشروع ريادي ومدى الاحتياج له وتحديد الشريحة المستهدفة، وهل هو فريد أم مكرّر، وما هي الطريقة التي ستتبعها في الترويج والبيع؟ وكذلك من أجل تجميع بيانات أكثر عن منافسيك وأماكن تواجدهم وعملائهم. أشهر 2 من أدوات تحليل المشروع الريادي تعرّف عليها بالتفصيل.
ثانياً الدراسة الماليّة والاقتصاديّة: يمكن من خلالها وضع أرقام تقديريّة للمبلغ الذي ستنفقه على مشروعك وتحدّد حجم المبلغ الأولي لدخول السوق. وإن كنت ستنشئ حملات مدفوعة لتروّج له، وافتراض المدّة التي سيحتاجها كي يبدأ بتحقيق دخل لك. كما لابد من التركيز على العائد من الاستثمار وأن تسأل نفسك، هل سيحقّق لي المشروع مبلغ يفوق الذي استثمرته في بنائه؟ وهذا ما يدعى بـ (دراسة الجدوى الاقتصادية): حيث تدرس ما إذا كان المشروع قادراً على تغطية نفقاته وتعويضها في المستقبل عبر دخل مستمر.
ثالثاً الدراسة التقنيّة: تدرس ميزانيّة أدوات المشروع سواءً كانت آلات ومعدّات أو عمالة، وجميع التكاليف الأخرى مثل تكاليف النقل والتخزين والموارد البشريّة وتقييمها حتى وصول المنتج أو المشروع إلى السوق، وتبيّن لك الموارد اللازمة التي يحتاجها مشروعك.
عوائق إنشاء مشروع
وجود التحديات عند البدء بأي مشروع هو شيء لابد منه. نحن لا نحبطك لكن نحاول عبر حديثنا عن هذه التحدّيات تسليط الضوء على أشهرها ليتجنّبها القارئ الذي لديه فكرة مشروع ريادي ويشعر أن وجودها شيء طبيعي يواجهه الجميع وليس وحده:
أولاً عدم التخطيط المسبق للمشروع: لا يمكننا القيام بأصغر المهمات دون التخطيط المسبق لها، فما بالك بمشروع تريده أن يستمر طويلاً؟!. فإن تخطّي هذه المرحلة يعني عدم قدرة مشروعك على الاستمرار، على عكس المشاريع التي تبدأ بخطّة محكمة تغطّي مرحلة التسويق له والتمويل والمبيعات. يمكنك التعرف على مقال خطة تسويقية من الصفر 0 – كيف تروج لمشروعك الريادي خطوة بخطوة.
ثانياً سوء الإدارة المالية: وهو أكبر تحدي يواجه المشاريع في بداياتها خاصّةً. فيجب أن تكون على دراية بالتكاليف التي يحتاجها مشروعك بحيث لا تكون التكاليف أكبر من حجم الإيرادات فيخسر المشروع، ويجب الانتباه جيداً لمرحلة التسعير في مشروعك.
ثالثاً قلة الطلب على المشروع: ما الفائدة من افتتاح مشروع لا يحتاجه أحد أو يوجد مشاريع أخرى مثله تماماً بذات المواصفات؟ فحتى ينجح مشروعك ستحتاج إلى إجراء دراسة شاملة للسوق وفهم حاجة الفئة المستهدفة ووضع الميزات التنافسية، كل ذلك سيساعدك بمعرفة حجم الطلب على المشروع وسهولة انتشاره.
رابعاً نقص المعرفة: معظم من يبدأ بتخطيط فكرة مشروع ريادي، لا يمتلك المعرفة والخبرة الكافية حوله ويريد البدء به لأنه مطلب السوق ويحقق له الأرباح فقط، فمثلاً قد تستثمر مساحة من أرض لزراعتها لكنك لا تعلم شيئاً عن أصول الحرث ومواعيد الزراعة والعناية بالنبات. كما أن عدم المعرفة بشؤون الإدارة الناجحة من شأنه أن يؤثر سلباً على مشروعك حتى لو كان القائمين عليه أشخاص ذو خبرة بمجالهم. ويسعدنا اطلاعك على مقال شرائح العملاء – أساس أي مشروع تجاري ناجح بنسبة 100% وخطة قوية منافسة.
كيف تطوّر من مشروعك
أنت الآن أنشأت مشروعك برأس مال صغير وحقّقت الأرباح منه، وتفكّر بالتوسّع أكثر لتحقيق أهدافك من المشروع. وهذا بالطبع أمر جيّد لا خلاف فيه لكن كيف تبدأ؟
- أدرس فكرة مشروعك أكثر، حلّل نقاط القوّة والضعف فيه. قد تلاحظ نقص في بعض الموارد مثل الحاجة لمزيد من العمّال أو المواد والمعدّات. اطلع على مقال المشاريع الريادية و7 خطوات نحو صُنع المجد والوصول إلى القمة.
- وسّع قاعدة مشروعك فحتى لو كان المشروع قائم على أرض الواقع، أصبح من الضروري اليوم أن تتواجد على الانترنت وتبني هويّتك هناك حتى تصل إلى جمهور أكبر. حيث أن إحدى الوسائل التي لا غنى عنها اليوم هي شبكات التواصل الاجتماعي وإن كنت قد أنشأت حساباً بالفعل هناك ففكّر الآن بإنشاء موقع إلكتروني يضم الخدمات التي تقدّمها. تشير إحصائية من موقع ويبلي أن %56 من المستهلكين لن يثقوا بك في حال لم تمتلك موقع إلكتروني، ولا تكتفي بعرض منتجاتك عليه بل أضف وصف جذّاب للمنتجات يزيد من مبيعاتك وانشر المقالات التثقيفيّة حول تخصصك حتى يثق بك الجمهور أكثر.
أضف عليه بعض التعديلات الداخلية كالتالي
- قدّم العروض بين فترة وأخرى، فإن كان لديك فكرة مشروع ريادي قائمة على بيع المنتجات سيكون من المناسب لزبائنك الإعلان عن خصم لأيام محددة وسيشعرهم هذا الأمر باهتمامك بهم.
- نوّع في المشروع وأدخل بعض المنتجات المكمّلة لمنتجاتك الرئيسية، أو أضف نشاطات ذات علاقة بفكرة مشروعك. فهذا الأمر له دور كبير في زيادة حجم شريحتك المستهدفة وزيادة مصادر دخلك عندما تستهدف منتجات جديدة.
- راقب أداء خطتك التطويرية للتأكّد من أن الأمور كلها تحت السيطرة، حيث ستكون هذه المرحلة مؤشّراً لقياس مدى قدرتك على الالتزام بما وضعته. ثم اكتب تقرير نهائي يتناول ملخّص عام عن المشروع والتغييرات التي أدخلتها ونسبة نجاحها، وذلك للاحتفاظ بالنقاط المهمّة لمراحل نمو مشروعك والاستفادة منها في المشاريع القادمة.
نعتقد الآن بعد التطرّق لأكثر من موضوع أنك بدأت التجهيز لفكرة مشروع ريادي، لذا نهنئك لاتخاذ هذه الخطوة وسنكون بجانبك للمساعدة في المراحل التالية. وهذا المقال أيضاً سيضيف لك نظرة أعمق كيفية إيجاد مشروع ريادي يفتح آفاقاً نحو مستقبل باهر و 6 نقاط لإدارة المشاريع الريادية. يمكننا تشبيه العثور على فكرة مشروع ريادي بالعثور على الكنز، حيث سيكون اهتمامك منصبّاً على كيفية استثماره وتطويره، لذا تذكّر بعد العثور عليه أن تضع مخططاً تدرس فيه السوق والزبون والموارد والمخاطر المحتملة مع الأخذ بعين الاعتبار وجود بعض التحدّيات. نسعد باستقبال آرائكم في التعليقات ومشاركتنا قصة رحلتكم في البحث عن مشروعكم وإن كنتم لم تبدؤوا بعد اطلبوا مساعدة خطانا لنسير بكم خطوة بخطوة على طريق النجاح.
نحترم وقتك ونقدره .. نصف ساعة لنمو مشروعك
